صدر عن "الكتلة الوطنيّة" البيان الآتي:
شدّد مسؤول العلاقات السياسيّة في "الكتلة الوطنيّة" كميل موراني على أنّ " أضعف دولة هي أحسن وأنفع للبنانيّين من أقوى ميليشيا"، لافتًا إلى أنّه بعد مبادرة المعارضة تبيّن أنّ "الرئيس نبيه برّي و"حزب الله" هما اللذان يرفضان الحوار".
وفي مقابلة ضمن برنامج "صار الوقت" عبر قناة "mtv"، قال موراني: تبيّن للأسف من خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكونغرس أنّ ليس لدى الإسرائيليّين غير الحلّ الأمني للتعاطي مع غزّة والضفّة الغربيّة، وهذا تحديدًا ما أوصل إلى "طوفان الأقصى". لقد كان بإمكانه اغتنام الفرصة لوضع تصوّر لحلّ سياسي، أو التعليق على اتفاق وقف إطلاق النار، لكنّه لم يفعل.
وأضاف: أمّا في ما خصّ لبنان، فـ"الكتلة الوطنيّة" لطالما كانت داعمة بشكلٍ واضح للقضيّة الفلسطينيّة، إنّما ليس على حساب لبنان وسيادته، ومن هنا موقفنا التاريخي المعارض لاتّفاق القاهرة. نحن نقارب السياسة ليس بهدف خدمة مصالح أيّ دولة أخرى كما يفعل الغير، ولا حتى لإلحاق الضّرر بمصالح أيّ دولة عدوّة، إنّما من أجل خدمة مصالح الدولة اللبنانيّة والشعب اللبناني. هذه هي حصًرا بوصلة العمل الوطني بالنسبة لنا.
ولفت موراني إلى أنّ إيران أخذت 11 يومًا من أجل "دوزنة" ردّها على قصف إسرائيل قنصليّتها في دمشق، من أجل الحفاظ على ماء الوجه من جهة، وعدم الإضرار بمصالحها الاستراتيجيّة من جهة أخرى. أما في لبنان فقد فُتحت جبهة الجنوب بعد 24 ساعة من بدء عمليّة "7 تشرين"، من دون أن يأبه أحد بمصالح البلد، ولا حتى أن يفكّر مرّتين قبل توريط اللبنانيّين بهذه المغامرة.
وذكّر موراني بأنّه عندما كانت الدولة اللبنانيّة بأجهزتها ومؤسّساتها وديبلوماسيّتها مسؤولة وحدها عن الحدود الجنوبيّة قبل اتّفاق القاهرة، كانت الاعتداءات أقلّ بـ90% من الآن. وأضاف: اتفاقيّة الهدنة عام 1949 نصّت على ترتيبات أمنيّة على الجهتين من الحدود، أمّا بعد ادّعاء النصر الإلهي عام 2006، كانت الترتيبات من جهة لبنان فقط. وقال: إنّ أضعف دولة هي أحسن وأنفع للبنانيّين من أقوى ميليشيا.
وأشار موراني إلى أنّه بعد اتّفاق الدوحة صار "حزب الله" والرئيس نبيه برّي هما الدولة ويتحكمّان بمؤسّساتها من رئاسة مجلس إلى رئاسة حكومة وحاكميّة مصرف لبنان، واليوم يريدون رئاسة الجمهوريّة ويقولون لنا "ويني الدولة"؟ وتابع: لقد كنّا نطالب بإرسال الجيش إلى الجنوب بعد التحرير عام 2000 كي تتحمّل الدولة مسؤولياتها تجاه المواطنين هناك، انما من عارض ذلك ومنع حصوله هو فريق الممانعة.
ورأى موراني أنّ الحديث عن انتصارات بسبب تهجير سكان شمال إسرائيل مستفزّ جدًا، لانه يغضّ النظر عن تهجير سكان جنوب لبنان وتدمير قراهم ويعتبر الامر تفصيلًا صغيرًا. فمصالح اللبنانيّين وتحديدًا الجنوبيّين ليست ضمن حسابات الربح والخسارة لدى "حزب الله".
وسأل: هل الرئيس ميقاتي هو رئيس حكومة لبنان أو رئيس بلديّة لبنان؟ فالدولة ليست NGO، ليُختصر دورها على وضع خطط اغاثة لمعالجة نتائج حروب لم يكن لها فيها أي رأي. وأضاف: ما هي المعايير العلميّة اللتي جعلت الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله يقرّر أنّ سوريا لا تحتمل فتح جبهة الجولان أما لبنان فيحتمل فتح جبهة الجنوب؟ حبّذا لو يُظهرون هذا الحرص على مصالح لبنان واللبنانيّين مثل حرصهم اللامتناهي على مصالح سوريا ونظامها، منبّهًا من أنّ المشروع الإيراني لم يدخل إلى دولة في المنطقة إلا ودمّرها.
وعن تعطيل انتخاب رئاسة الجمهوريّة، قال موراني: اتّضح بعد مبادرة المعارضة أنّ الرئيس برّي و"حزب الله" هما اللذان يرفضان الحوار. لدينا دستور وآليات دستوريّة وفق العقد الاجتماعي الذي ينظّم العلاقة بين المواطنين ويجب احترامه.
وأضاف: من يعتبر أنّ مقاطعة جلسات انتخاب الرئيس لسنتين هي من حقّه، فليذهب إلى الرأي العام ويقول له إنّه هو من يتحمّل مسؤوليّة تعطيل البلد ومصالح ناسه لسنتين فقط لأنّ ذلك "من حقّه"، بدل أنْ يرمي المسؤوليّة على غيره. وتابع: لا أعرف كيف يقبل الوزير سليمان فرنجيّة أن يُعطَّل البلد لسنتين كي يصل إلى رئاسة الجمهوريّة. فعام 1970، لو تصرّف خصوم الرئيس فرنجية كما يتصرّف حفيده اليوم وحلفاؤه، وعطّلوا نصاب جلسة الانتخاب، لما كان انتُخب رئيسًا للجمهوريّة آنذاك، ولا على الأرجح كان الوزير فرنجيّة مرشّحًا اليوم.
وبالنسبة لنصاب جلسة انتخاب الرئيس، أوضح موراني أنّ الرئيس برّي أفتى بأنّ النصاب هو الثلثين وقد تمّ تغطيته سياسيًا حتى من الكنيسة. فهناك من أخبر المسيحيّين أنه لو كان النصاب النصف زائدًا واحدًا، سيجتمع النوّاب المسلمون مع نائب مسيحي واحد ويفرضون رئيسًا على المسيحيّين. وتابع: إذا عدنا اليوم إلى نصاب النصف زائدًا واحدًا فسننتخب رئيسًا بسرعة، والرئيس نبيه برّي انتُخِبَ بـ65 صوتًا وهو حاليًا رئيسًا للمجلس النيابي كامل الأوصاف.
وردًا على سؤال: قال موراني: الدولة مقصّرة بحق الجنوب وبحق كل البلد وتحيّة لكل الناس الذين يُعانون اليوم من القتل والضرب والتهجير على الحدود. وأضاف: عندما ضعفت الدولة بعد اتّفاق القاهرة، تخلّت عمليًا عن الجنوب بشكل خاص، إنّما عن كل المناطق اللبنانيّة. فعلى سبيل المثال، عندما ارتكب الجيش السوري مجازر في باب التبانة، لم تقم الدولة بحمايتنا في طرابلس.
وختم موراني لافتًا إلى أنّ هناك مشروعًا كبيرًا في المنطقة اسمه "رؤية 2030"، مرتبط بالتنمية البشريّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، لنا كلّ المصلحة بأن نكون جزءًا منه. فعندما ظهر النفط في الدول العربيّة، قدّم العميد ريمون إدّه عام 1956 قانون السرّية المصرفيّة كي يستفيد لبنان من هذه الطفرة الماليّة، ويحجز لنفسه مكانًا بين الدول العربيّة. هل لدينا اليوم في هذه الدولة من يفكّر في كيفيّة إعادتنا على خريطة نظام المصلحة العربيّة وربطنا بهذا المشروع، خصوصًا وأنّ الدول العربيّة اليوم ليست ضمن أيّ محور، وعلاقاتها ممتازة مع كل القوى الدوليّة والإقليميّة، من الولايات المتّحدة، إلى روسيا والصين والهند وباكستان وصولاً الى إيران وسوريا.