أ. ع.
دعا رئيس الجمهوريّة "الأحزاب الطوائف" للاجتماع في بعبدا من أجل حوار لتخفيف التشنّج في البلد.
هم متّفقون على إدارة البلد بمنطق المحاصصة والزبائنيّة والمذهبيّة والهدر والفساد. مختلفون بالاصطفافات الخارجيّة. فكل فريق يستنجد براعٍ إقليمي أو دولي للضغط على الفريق الآخر بغية انتشال حصّة أكبر. ولكن عندما يتّفق الخارج، فحتى هذا الخلاف يزول.
يجتمعون خوفاً على مصالحهم. لم يكترثوا يوماً لمطالب الثورة. أجبرتهم على اليقظة ويواجهونها بكل الأساليب القمعيّة والمذهبيّة الرديئة.
لكنّ سياسة التحاصص وعقليّتهم القبائليّة ورفضهم أيّ إصلاح يزيد الوضع سوءًا. فحتى مناصريهم، وهم مواطنون مثلهم مثل الثوّار، بدأوا يسأمون من وعودهم الفارغة وخططهم الاقتصاديّة الإرتجاليّة وكذبهم الممنهج.
وهذا ما يخيفهم ويدفعهم إلى الاجتماع.
ولكن لماذا لا يدعون يوسف أيّوب للاجتماع معهم لاختصار المسافة والوقت؟
فمن هو يوسف أيّوب؟
هو لبناني يمكن مصادفته في الشارع في أي مدينة أو قرية.
هل هو مسيحي، مسلم أو علماني، هذا لا يعنيهم. هذه خصوصيّة يوسف. يعرّف عن نفسه بـ"أنا مواطن لبناني".
وليوفّروا على خزينة الدولة كعادتهم، قرّروا إقامة مأدبة غداء فاخر للزعماء على شرف يوسف ليحاوروه، لكنّه رفض فسألوه حيث وجدوه:
أريد أن أعيش في وطني لبنان تحت رعاية دولة سياديّة تؤمّن الحقوق ذاتها وتفرض الواجبات عينها على أبنائها. أريد دولة القانون وليس الزعامات.
أريد أن أعمل وأن أعيش من عرق جبيني وعملي. أريد أن دفع الضرائب العادلة، ومقابلها أن أحصل على الخدمات من دون منّة من أحد ومن دون أن أُذلّ أمام زعيم سياسي أو مذهبي. فكرامتي لا أساوم عليها.
أنتم على مدى مئة سنة وخصوصاً في آخر 30 عاماً أشبعتمونا كذباً. والآن بعدما أفلستم الدولة، دولتنا، وقضيتم على جنى عمرنا، تريدون القضاء على ما تبقّى لنا.
أعلم أنّ مشروع الوطن يتطلّب جهداً ووقتاً. لكن "ثورة 17 تشرين" أثبتت أننا أصبحنا جاهزين نفسياً. فالثورة ليست فقط من نزل إلى الشارع لكن هي في كل مكان وفي كل منزل. تخطينا كل الحواجز التي رفعتموها بيننا لتفريقنا ونحن الآن مستعدون لإقامة الدولة التي نحلم بها.
من "17 تشرين" قالها المواطنون بصرخة واحدة لكنّكم لا تصغون.
البداية بحكومة سيادية مستقلّة بصلاحيّات واسعة. هذه هي بداية الطريق لإعادة الثقة بالدولة والاقتصاد. إذا أتيتم بكل أموال المانحين وأميركا والصين وروسيا وإيران والعالم بأسره فلن ينفع طالما أنّ الثقة مفقودة. ستهدرونها مثلما هدرتم كل المنح والقروض السابقة وأموالنا.
إن كان لديكم بعد أي حسٍ بالوطنيّة وبدأتم تشعرون بأننا بشر ولسنا أعداداً، إتركوا السلطة.
أنتم تلغون 4 ملايين لبناني، والإلغاء ليس من أدبيّاتنا ومبادئنا. إنسحبوا واعترفوا بأخطائكم وراجعوا سلوكيّاتكم واطرحوا أنفسكم في الانتخابات المقبلة، وليقرّر عندها المواطن، مصدر كل شرعيّة.