شارك

"الكتلة الوطنيّة": لا يجوز فرض الـ"كابيتال كونترول" إلا بعد دفع تعويض عادل للمتضرّرين

صدر عن "الكتلة الوطنيّة" البيان الآتي:

إنّ استعداد الحكومة لوضع مشروع قانون هدفه شرعنة الـ"كابيتال كونترول" القائم منذ تشرين الأوّل 2019 هو أحد الإجراءات التي تهدف إلى محاولة إنقاذ الاقتصاد اللبناني بعدما دمّرته المنظومة الحاكمة على مدى 30 عاماً بالزبائنيّة والهدر والفساد.

أمّا عن النص المتداول الذي اقترحته وزارة الماليّة فنود أن نطرح في شأنه الملاحظات الأساسيّة الآتية:

  • هناك صلاحيّات مطاطة للمصرف المركزي لتطبيق القانون وكذلك للمصارف في بعض الإجراءات، وهذا غير منطقي. فالمصرف المركزي موّل عجز الموازنات المتتالية، بأموال المصارف المودعة لديه وهذا ليس دوره. أما المصارف فهي من جهتها أيضاً، وبالسلبيّة ذاتها، استثمرت 70% من ودائعها لدى زبون واحد مفلس وهو الدولة بما يتعارض مع أبسط قواعد إدارة المخاطر الماليّة التي تحفظ أموال المودعين.
    فلا يجوز ترك مسألة تحديد المبالغ والقطاعات الاقتصاديّة التي يجب تزويدها بالعملات الصعبة لتمويل أعمالها لهاتين الجهتين بمفردهما. إنّما يجب إشراك ممثّلين عن القطاعات المعنيّة في اتّخاذ القرارات. فالقطاع الخاص في لبنان هو الذي يخلق فرص العمل والثروة اللتين من خلال الضرائب يمكن إعادة توزيع قسم منهما لتأمين الحد الأدنى من الحماية والعدالة الاجتماعيّة.

 

  • إنّ مدّة صلاحيّة هذه الإجراءات تبدو محدّدة بثلاث سنوات مع إمكانيّة تقصير المهلة. ولكن هذه الإجراءات مخالفة للدستور، فإنْ أُقرّت على الرغم من ذلك بموجب قانون، يبقى الأجدى احترام روحيّة الدستور عبر التأكيد أنّها استثنائيّة وتحديدها بمدّة زمنيّة قصيرة جداً يمكن تمديدها لاحقاً بشكل استثنائي.

 

  • مشروع القانون لم يتطرّق لا من قريب أو بعيد إلى الأضرار الناجمة عن تطبيق الـ"كابيتال كونترول" العشوائي الذي فُرض كأمر واقع منذ تشرين الأوّل الفائت. فرغم إصدار "مركز حفظ ومقاصة الأدوات المالية للبنان والشرق الأوسط" (ميدكلير) التابع لـ"مصرف لبنان"، مذكّرة في 6 تشرين الثاني 2019 تسمح بـ"إجراءات جديدة واستثنائيّة"، وعلى الرغم من أنّ قانون "النقد والتسليف" في مواده 70 و174 و175 يسمح كذلك بهذه الإجراءات فضلاً عمّا يرد في بعض عقود فتح الحسابات، فإنّ الـ"كابيتال كونترول" يبقى غير دستوري وفق مقدّمة الدستور وتحديداً الفقرة "و" والمادة 15 منه. وقد سبق أن طُعن في هذه الإجراءات أمام قضاء العجلة في بيروت والنبطيّة استناداً إلى المواد 249 و293 من قانون الموجبات والعقود.
    إذاً لا يجوز التعرّض للملكيّة الخاصة وحق التصرّف بها من قبل أيّ جهة عامة إستناداً إلى "المنفعة العامة" الواردة في المادة 15 من الدستور، إلا بعد التعويض على المالك بـ"تعويض عادل" وفق ما نصّت عليه المادة المذكورة.
    أما بالنسبة للمصارف، فلقد تصرّفت باستنسابيّة تجاه المودعين في التحويلات إلى الخارج وهي بذلك خالفت العقود الموقّعة معهم وأخلّت بمبدأ المساواة ما يسمح بالنتيجة بملاحقتها قانونياً. وفي حال تبيّن أنّ هنالك بعض المصرفيّين الذين أبلغوا بعض المودعين بالـ"كابيتال كونترول" الواقعي في حينه، فإنّ ذلك يُعتبر بمثابة "معلومات مميّزة غير معلنة" وفق القانون رقم 170 تاريخ 17 آب 2011، ويجب عندها تطبيق العقوبات الجزائيّة الواردة فيه.
  • بما أنّ لبنان عضو فاعل في "صندوق النقد الدولي"، فعليه احترام قوانينه. وبإمكان "الصندوق" فرض شروط على عمليّة الـ"كابيتال كونترول" وفق الفقرة الثالثة من المادة السادسة من نظامه. وفي حال لم تبادر الحكومة إلى وضع خطّة إنقاذيّة لخفض العجز عبر إقفال مزاريب الهدر والتهرّب الجمركي وتفكيك المحميّات، فعندها سيَفرُض "الصندوق" شروطه ومنها رفع نسبة الضرائب والرسوم التي ستصيب الطبقتين الوسطى والفقيرة.
  • أخيراً، ونظراً إلى تداعيات الـ"كابيتال كونترول" على الاقتصاد والنمو، يتوجّب على المصارف تحريك القروض الداخليّة وتخفيض الفوائد. فهنالك خدمات ومواد استهلاكيّة لن يتمكّن لبنان من استيرادها بعد اليوم. لذلك، وعبر تخفيف الأعباء الماليّة على القطاعات المنتجة، بإمكان الأخيرة أن تقدّم البدائل واستيعاب قسم من الذي فقدوا أعمالهم ووظائفهم وتخفيف الحاجة إلى العملات الصعبة.

 

 

 

مواقف سياسية