أكّد "حزب الكتلة الوطنيّة اللبنانيّة" رفض أيّ زيادة ضريبيّة على المواطنين، داعياً إلى إعادة توزيع النسب الضريبيّة لتكون أكثر عدالة، ومشدّداً على ضرورة استعادة الثقة عبر خطوات تتمحور حول مكافحة الفساد وإصلاح الإدارة العامة. وتوجّه الحزب إلى "اللقاء الاقتصادي" المزمع انعقاده في بعبدا بمجموعة حلول ممكنة وقابلة للتنفيذ تعتمد على توافر إرادة لدى الطبقة الحاكمة وعلى مطالبة المواطنين بها.
وأشار الحزب إلى أنّ عامل الثقة ببناء أو إعادة إحياء أي اقتصاد مأزوم هو الشرط الأوّل الواجب تأمينه. ولفت إلى أنّه حالياً تُعتبر ثقة المستثمرين اللبنانيّين والأجانب والعملاء في القطاع الخاص على مستوياتهم كافة مفقودة، وهذه الثقة مفقودة بقدرة الدولة والقيّمين عليها على تأمين المناخ المؤاتي للإستثمار. وإذ نبّه من أنّ لبنان مصنّف 123/137 عالمياً بالنسبة للفساد، ذكّر بأنّه وفق الإحصاءات العالمية، يقدّر معدّل الفساد بين كل البلدان بـ5% من الدخل القومي، ونظراً للتصنيف أعلاه، يمكن تقدير معدّل الفساد في لبنان بـ10% مع التحفّظ؛ أي ما يساوي 5.6 مليار دولار في السنة، أي أكثر من مجموع رواتب الموظفين، وهو ما يمثّل ثلث الموازنة العامة.
وأضاف أنّه لاستعادة الثقة يجب أن تتمثّل الخطوات الأولى بالآتي:
1. إنشاء "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، والتأكّد من استقلاليّتها.
2. تطبيق الدراسة التي أعدّتها وزارة الدولة لشؤون التنمية الإداريّة "OMSAR" لتحقيق هذا الهدف.
3. إنشاء "الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء"، والتأكّد من استقلاليّتها.
4. إصلاح إدارة الجمارك.
5. تطبيق آلية الـ"e-procurement" الموجودة في مجلس النواب (المناقصات الإلكترونية).
6. إصدار المراسيم التطبيقية لقانون "حق الوصول إلى المعلومات".
7. رفع ميزانيّة كل أجهزة الرقابة، من "التفتيش المركزي" إلى "ديوان المحاسبة" و"إدارة الجمارك" و"المجلس الدستوري"، وزيادة ملاكاتها التي لا تكفي لمراقبة 30% من القوى العاملة في لبنان.
8. تحصين هذه الجهات الرقابيّة من أيّ تدخّلات سياسيّة عبر إيلاء لجنة فنّية مستقلّة عن "الأحزاب-الطوائف" وبعيدة من منطق الزبائنية الذي يمنع المحاسبة، مهمّة تعيين القضاة والموظفين.
9. تنفيذ مقرّرات أجهزة الرقابة بلا أيّ مواربة.
واعتبر أنّ كلّ الحلول المطروحة ممكنة وقابلة للتنفيذ، لكنّها تعتمد على وجود نيّة وإرادة حقيقيّة لدى الطبقة الحاكمة بمكافحة الفساد ووقف الهدر من جهة، وإصرار المواطنين ومطالبتهم بهذه الإجراءات من جهة أخرى.
وفي ما خصّ الإدارة العامة، فلفت إلى أنّ معدّل الموظفين فيها يشكّل 30% من القوى العاملة في لبنان، بينما لا يتخطّى 18% في البلدان المنتجة؛ وموقع لبنان عالمياً من ناحية إنتاجيّة الإدارة هو 124/137.
وأشار الحزب إلى أنّ أعداد الموظّفين المرتفع وعدم انتاجيّتهم ليست من مسؤولية الموظفين بل "الأحزاب-الطوائف". فنظام هذه الأحزاب وفسادها وإقطاعيتها السياسية والزبائنية دمّر الإقتصاد وعوّض عن البطالة بالتوظيف العشوائي من دون مراعاة الكفاءة المطلوبة وإمكانيّة محاسبة أزلام الزعماء في الإدارة مع تمنين معدومي الحال واستغلالهم بتوظيفهم.
واعتبر أنّه يجب أنْ تطبّق الحكومة منظومة الإدارة الإلكترونية المنجزة من قبل "OMSAR"، مع العلم أن هذا الإجراء يزيد إنتاجية الإدارة بـ 20% كأقلّ تقدير ويوفّر على المواطن 80% من كلفة أي معاملة، عدا عن التخفيض الفوري والتلقائي للفساد؛ وإنجاز الحكومة الدراسة الشاملة عن وضع الإدارة العامة التي أُقرَّت بقانون في 21/8/2017.
ودعا إلى تطبيق نظام التدريب المتواصل، والتوظيف وفق معيار واحد: الكفاءة، وإن كان نظامنا الطائفي يتطلّب -مرحلياً- المناصفة في بعض المراكز، فهو لا يمنع أن يناط التعيين بهيئات مستقلّة تماماً عن "الأحزاب-الطوائف".
وشدّد على وجوب تمكين الموظفين ضدّ أي تدخل سياسي من خلال تحريك القضاء وحماية الموظف.
ورأى أنّه بذلك، تصبح الوظيفة في الدولة فخراً للموظّف وشرفاً لخدمة الوطن بدلاً من أن تكون منّة من أحد الزعماء وإذلال للمواطنين.
وعلى مستوى السياسة الضريبيّة، أكّد الحزب أنّ النظام الضريبي في لبنان غير عادل إذ إنّ 70% من الضرائب والرسوم هي غير مباشرة وتطال أوّلاً الطبقة الوسطى والفقراء. وبالإضافة إلى ذلك، يجب إعادة توزيع النسب الضريبيّة لتكون أكثر عدالة.
أما بالنسبة لما سُرّب عن إجراءات أليمة، وبالطبع لن تكون إلا زيادة الضرائب والرسوم التي تطال المواطنين، فشدّد الحزب على أنّ هذا أمر مستغرب ومرفوض.
وأوضح أنّه من جهة أولى تؤكّد القواعد البديهيّة للاقتصاد أنّ زيادة الضرائب والرسوم في فترات الركود وفي ظلّ موازنة إنكماشيّة تزيد من هذا الركود. فالاتّكال على الاستثمارات المرتجاة من قروض مؤتمر "سيدر" والمهدّدة بعدم إيفاء الدولة بتعهّداتها بخصوص الإصلاحات، لن يظهر مفعولها الاقتصادي قبل سنتين أو ثلاث.
وأضاف أنّه، من جهة ثانية، في حالة الركود الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة، يجب بدل زيادة الضرائب والرسوم على الطبقة الوسطى والفقراء، زيادة معدّل التغطيات الخدماتيّة. ولفت إلى أنّ موازنة شبكة الأمان الاجتماعيّة في لبنان هي الأدنى في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتشكّل فقط 1% من الموازنة. ورأى أنّ جزءاً بسيطاً من كلفة الفساد المقدّر بـ5.6 مليار دولار سنوياً، يكفي لتوسيع هذه الشبكة.