صدر عن "الكتلة الوطنيّة" البيان الآتي:
كان مشهد المواطن بسّام الشيخ حسين حاملاً سلاحه بوجه موظفي "فيديرال بنك" للمطالبة بحقوقه المسلوبة، مؤشّرًا خطيرًا على الاضمحلال الإضافي للدولة بما تمثّله من ضمانة لانتظام العلاقات بين الناس والمصالح المختلفة على أسس من العدالة.
فالدولة اللبنانيّة، منذ أنْ أمسك بمفاتيحها أمراء الحرب، قد أصبحت مجرّد شاهد زور على إمساك أصحاب المصارف والمنتفعين بالسياسات العامة والاقتصادية من جهة، و"حزب الله" بالقرار السياسي والسيادة من جهة أخرى.
كان المشهد في شارع الحمرا سيّئًا بمقاييسه كافة. فالأجهزة الأمنيّة حائرة كيف تحفظ النظام العام فيما لم يعد للقانون أيّ سلطة في بلادنا.
والمجتمع الذي يفتّش عن أدوات إضافيّة للدفاع عن نفسه وحقوقه انبرى للدفاع عن بسّام الشيخ حسين في الشارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. فكيف ندين من يحمل سلاحًا في شارع الحمرا لتغطية تكلفة طبّية في حين أنّ الشارع نفسه شهد في أيار 2008 انقلابًا على الدستور والقانون والسلم الأهلي في لبنان.
أما الغائب الحاضر عن المشهد فمالكو ومجالس إدارة المصارف. إذ في حين أنّهم يتحمّلون مسؤوليّة أساسيّة في وقوع الانهيار الاقتصادي والمالي في البلاد، نجدهم يكابرون على الاعتراف بأيّ مسؤوليّة، ويرفضون الاعتراف العلني بأيّ خسائر ويسعون إلى إفشال أيّ خطة إصلاحيّة من شأنها وضع لبنان على سكّة التعافي الاقتصادي والمالي.
إنّ سياسة الأرض المحروقة التي تتّبعها المصارف بالتعاون مع حاكميّة "مصرف لبنان" لتضييع الوقت وإنهاك المجتمع على أمل الاستيلاء على أملاك الدولة، مكلفة جدًا على المودعين بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام. ولكنّ آثارها أبعد من ذلك لتصل إلى انهيار الأمان الاجتماعي ودولة القانون. فالتكلفة السياسيّة والاقتصادية والأمنيّة والاجتماعية لهذه السياسة لن يتحمّلها فقط عامة المجتمع، إنّما أيضًا أصحاب المصارف وكبار المساهمين فيها.
إنّ حدث نهار الخميس جرس إنذار إضافي، لعلّ هناك من يسمع خلف الجدران الاسمنتيّة. لعلّ هناك من يسمع فيسعى إلى إنقاذ القطاع المصرفي من نفسه ومن سيطرة بعض متطرّفي المال والسلطة عليه. لعلّ هناك من يسمع أنّه لم يعد هناك دولة فكيف بممتلكاتها؟
أيجوز أن تكون "جمعيّة المصارف" بتركيبتها الحاليّة وبلغّتها الفوقيّة والمكابرة والتدميريّة الناطق الوحيد باسم القطاع المصرفي اللبناني الذي يتغنّى بعراقته ومهاراته؟
هناك فرصة اليوم لاستعادة الثقة، عبر حشد تأييد واسع للإصلاحات المطلوبة من قبل "صندوق النقد الدولي" بدءًا بقانون جدّي لتعديل السرّية المصرفيّة، قانون لـ"الكابيتال كونترول" ضمن خطة لتوحيد سعر الصرف، وقانون لإعادة هيكلة القطاع المصرفي على أسس من الشفافية والعدالة، ينطلق من الاعتراف بالخسائر والتدقيق في حسابات المصارف... لعلّ يستعيد بعضها ثقة اللبنانيّات واللبنانيّين يومًا ما.