شارك

حلو في مؤتمر "الكتلة الوطنيّة" السنوي بمشاركة 200 من كوادرها: نواجه مشروعَي سرقة البلد وتقسيمه وخيارنا الوحيد لذلك أن نتوحّد

صدر عن "الكتلة الوطنيّة" البيان الآتي:

عقدت "الكتلة الوطنيّة" مؤتمرها السنوي بمشاركة ما يزيد على 200 من كوادرها ومناصريها، في بلدة تعنايل البقاعيّة، وأكّد أمينها العام ميشال حلو في افتتاحه "مواجهة مشروعي سرقة البلد وتقسيمه"، مشدّدًا على أنّ ثمة "خيارًا واحدًا" لتحقيق ذلك " هو "أن نتوحّد وأن ننتظم"، فيما لاحظ عضو "مجلس الحزب" طارق صقر أن ثمة "مسار قيم أرساه كل من تبوأ مركز عميد الحزب وخصوصًا العميد ريمون إدّه".

ورأى الوزير السابق زياد بارود الذي شارك في المؤتمر أنّ "اللامركزيّة تكون أداةً لتحقيق استقرار" لبنان "إذا طُبّقت بشكل صحيح"، مذكّرًا بأنّ الرئيس إميل إدّه كان أوّل من طرحها، وواصفًا إيّاها بأنّها "شكل من أشكال إدارة التنوّع بشكل صحيح وديمقراطي"، فيما اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور توفيق كسبار أنّ عدم إقدام "أحد في السلطة على أيّ خطوة" منذ الانهيار جريمة "لأنّ هناك أشخاصًا محدّدين مسؤولين عنها يمكن تسميتهم بالاسم".

وفي ما يأتي الكلمات التي ألقيت خلال المؤتمر الذي قدّمته عضو "مجلس الحزب" كابي عساكر.

حلو

تناول الأمين العام ميشال حلو في بداية كلمته مصدر تسمية "الكتلة"، موضحًا أنّها برزت في العشرينات، يوم بلوَر الرئيس إميل إدّه مشروعه، فخاض الانتخابات النيابيّة مع رفاق ومفكّرين ومناضلين عام 1943 وتكتّلوا في المجلس النيابي ضمن كتلة نيابية سمّوها "الكتلة الوطنيّة" لأنهم كانوا مؤمنين بالمشروع نفسه، مشروع وطن. وهذا التفكير تابعه عمداء "الكتلة" كفكر جامع سواء مع ريمون إدّه خلال حياته وخصوصًا خلال الحرب، أو كارلوس إدّه في فترة 14 آذار وثورة الأرز. ونحن قرّرنا بدورنا أن نُكمِل بهذا المسار.

وتطرّق إلى الانتخابات الرئاسية، "الضرورية لإعادة تفعيل المؤسسات" لافتًا إلى أنّ "حزب الله" وحلفاءه عطّلوا كل شيء، وليسوا مستعدين لأيّ تنازل لمصلحة البلد"، ويريدون إعادة إنتاج عهد جديد على صورة العهد السابق".

وأكّد أنّ مشروع "الكتلة الوطنيّة" للبنان هو أوّلاً استعادة السيادة كونها الركيزة الأساسية لبناء دولة، مشيرًا إلى أنّ "الكتلة" بدأت في تطبيقها وأنّنا "منفضّل نبقى حزب عقدّ حاله بس حُرّ، بدل ما نكون حزب غني لكن مرتَهَن". ثانيًا إدخال لبنان في الحداثة عبر تثبيت المواطنة والعمل الدائم للتقدّم، وتفعيل اللامركزية لإعطاء هامش حرّية لكل منطقة، وزيادة المحاسبة المحلّية. وثالثًا، وفق حلو، السعي إلى تثبيت الليبرالية الإجتماعية، كوننا مؤمنين بالحريّة، ولكن من دون أن يغيب عن بالنا أنّ الحريّة بلا العدالة هي عودة إلى شريعة الغاب. وشدّد في هذا السياق، على أهمّية معركة حقيق العدالة في تفجير المرفأ.

وإذ لفت إلى أنّ هذه المبادئ تضع "الكتلة الوطنيّة" خارج الاصطفافات الطائفية والتقليدية، رأى حلو أنّ هذا لا يعني أبدًا أنّ الواقع السياسي غائب عنّا.

وذكّر، على هذا الصعيد، بأنّ "حزب الله" متورّط بالاغتيالات، ويُرسل بلطجيته لقمع الصبايا والشباب في تظاهراتهم السلميّة، ويُهدّد قاضي التحقيق في جريمة تفجير المرفأ طارق بيطار كي يوقف تحقيقاته بالقوّة.

واعتبر حلو أنّ هذه الأمر يؤكّد ضرورة خلق ميزان قوى معارض ومناهض لهذا الحزب، ولكنّه وإن كان المشكل الأكبر في البلد، لكنّه ليس المشكل الوحيد. وقال إننا نرى في وجه الحزب صعود ردّة فعل شعبويّة تقول: خلص، ما بقى فينا نعيش مع بعض، ودعوة إلى تقسيم لبنان. وأضاف: نحن لن نستسلم ونتخلّى عن جزء من البلد. ولا الجنوب، ولا البقاع، ولا أيّ جزء من لبنان الكبير الذي نشأ بعد تضحيات هائلة.

وفي الموضوع الاقتصادي، قال حلو: اتّفقت كل الأطراف التي يُفترض أنّها تواجه بعضها بعضًا، على تطيير خطّة صندوق النقد الدولي. وأضاف: هذا الكارتيل السياسي-المصرفي هدفه واضح وهو حماية المصالح الخاصة، وتحميل الخسائر للدولة، أي كل المجتمع، وهذا لم يعد فسادًا عاديًا إنّما سرقة العصر.

وقال حلو: واجبنا هنا كقوى تغيير أن نواجه هذين المشروعين: سرقة البلد، وتقسيمه. ولذلك ليس أمامنا إلا خيارًا واحدًا أن نتوحّد، نتوحّد، نتوحّد. نتوحّد، وأن ننتظم.

وتابع: هنا دور الكتلة، دورنا، أن نساهم في ترسيخ هذا الفكر الحديث بالسياسة، وأن نوصله إلى السلطة. لكنّ المهمّة هائلة، ومن الضروري أن نكون عمليّين. وحدّد أهداف "اللجنة التنفيذيّة" المنتخبة في "الكتلة الوطنيّة" حتى العام 2026 بثلاثة: إستكمال بناء حزب وطني؛ العودة إلى المجلس النيابي والبلديّات بعد عودة "الكتلة" إلى الجامعات بقوّة وإلى النقابات؛ والعمل على المشهد السياسي القائم لتوحيد الصفوف، وعلى العلاقات الخارجيّة لتعزيز شبكة حلفاء "الكتلة".

صقر

من جهته، قال عضو مجلس الحزب طارق صقر، بكلمة عن تاريخ الكتلة بعنوان: "قيم ثابتة": لقد حورب الرئيس إميل إدّه بعد تأسيسه "الكتلة الوطنيّة اللبنانيّة" من فاسدي السياسة اللبنانية الذين زرعوا في الإدارة اللبنانية بذور الفساد والرشوة والتي لا نزال نحصدها حتى يومنا هذا، كما حورب العميد ريمون إدّه من بعده من غير أشخاص ولكن بالطريقة ذاتها عن طريق المكتب الثاني في الخمسينات والستينات وعن طريق الاحزاب المسيحية المسلحة والمنظمات المسلحة التابعة لسوريا في اوائل السبعينات والذين حاولوا اغتياله مرات عدّة.

وأضاف: كما صمد الرئيس إميل إدّه، كذلك صمد العميد ريمون إدّه وتشبّث بالقيم التي لطالما نادى بها ،ونفى نفسه إلى فرنسا وبقيت قيمه في بياناته تصدح على صفحات الجرائد وبقي الكتلويون الأصيلون في حزب رفض أن يحمل السلاح والاشتراك في حمّام الدم ، حزب كان مستعدًا للموت من أجل قيمه، لكنّه أبى دومًا أن يقتل متذرّعًا بها ، إلا أنّه ولغرابة مفاهيم المجتمع اللبناني بَدَلَ أن يقف معه الناس ابتعدوا عنه.

ولفت صقر إلى أنّ حزب العمداء، حزب العائلة السياسية الوحيدة التي ضحّت من أجل لبنان من دون أن تضحّي باللبنانيّين، تحوّل إلى حزب القيم، فمن إميل إدّه إلى ريمون إدّه وصولاً إلى كارلوس إدّه ، تعوّد اللبنانيّون على أشخاص يتبعونهم لا مؤسّسة ينتمون إليها. وقال: اليوم تحوّل الحزب إلى محطة انطلاق لمعايير عبر أفراد اعتنقوا مسار القيم الذي أرساه كل من تبوأ مركز عميد الحزب وخصوصًا العميد ريمون إدّه، فالرسالة التي أرادها العميد ريمون إيصالها لم تكن عبادة شخصه بل التزام المبادئ التي عاشها وطبّقها على نفسه أوّلاً قبل أن يُطبّقها على كلّ أوجه حياته السياسيّة والوطنيّة وحتى الشخصيّة منها.

وشدّد صقر على أنّ اليوم ليس ككل يوم، فاليوم هو بداية حياة لرسالة القيم التي أرادها مؤسّسو هذا الحزب أن نعيشها كنمط حياة من أجل أن نكون روّادًا في إعادة لبنان إلى المكانة التي يستحق.

بارود

وفي ورشة عمل تحت عنوان "اللامركزيّة: حل لإدارة التنوّع؟"، قال الوزير السابق زياد بارود إنّ أوّل من طرح فكرة اللامركزيّة هو الرئيس إميل إده في القرن الماضي. وعاد وطرحتها أحزاب أخرى وصولاً إلى اتّفاق الطائف حيث وردت فيه وبالتالي أصبحت هدفًا جماعيًا.

وأضاف: اللامركزية كإصلاح كان مطلوب أن تتحقق منذ 33 سنة على الأقل ومن وقتها حتى اليوم كان هناك اقتراحات قوانين عدّة ولكن كلّها كانت تميل إلى اللاحصريّة من اللامركزيّة، بمعنى موظّفين في المناطق ولكن تابعين للسلطة المركزيّة، في حين أنّ اللامركزيّة هي هيئات منتخبة بداية تتمتّع بالاستقلال الإدراي والمالي. طبعًا في اللامركزيّة هناك هامش حرّية للهيئات المنتخبة من جهة ومحاسبة أقوى لها من جهة أخرى. ولا أحد في السلطة يريدها اليوم.

ولفت إلى أنّ المشروع الذي عمل مع فريق عمل عليه، متكامل ويجمع كل شيء وينطلق من اتفاق الطائف أي القضاء كوحدة مركزيّة كون له شرعيّة تاريخيّة فاعتُمِدَ معيارًا علمًا أنّ في بعض الأقضية هناك تفاوت لجهة الجباية وغيرها ولكن مؤشّرات التوزيع في الموضوع المالي دقيقة وعادلة إلى أقصى الحدود. وأضاف يحتوي المشروع على نحو 40 مادة عن "اللامركزيّة الماليّة"، لافتًا إلى أنّه لا تتمّ تسميتها كذلك. وأوضح أنّه في لبنان زدنا على اللامركزيّة كلمة الإداريّة كون هناك خوف دائم من اللامركزيّة السياسيّة، ولكنّ حتى كلمة "إداريّة" لا تضاف على كلمة "اللامركزيّة". وتابع: وعندما نتكلّم عن صلاحيّات واسعة في المناطق فحكمًا يجب إعطاء هذه الوحدات اللامركزيّة إمكانيّات ماليّة وما يكفي من واردات وإلا لنبقى على نظام البلديات واتحاد البلديات القائم اليوم. وأشار إلى أنّ هناك من يستغرب هذا المصطلح ولكن بسبب عدم معرفة وهو معذور، إنّما هناك أشخاص يعرفون أنّ اللامركزيّة لا تسير من دون بُعدها المالي وهم يعارضونها من هذه الجهة. ومن هو ضد اللامركزيّة الماليّة هو ضد اللامركزيّة بالمطلق وبالتالي ضد اتفاق الطائف.

وعن الدعوة إلى الفيديراليّة، قال بارود: مشاكل لبنان الأساسية سواء في الفيديراليّة أو اللامركزيّة لا تُحل على الأقل لجهة السياسة الخارجية والدفاعية والمالية.

وأضاف: ما يُطرح اليوم فيديراليًا يميل إلى فيديراليّة الطوائف، في حين أنّ اللامركزيّة لها بعدها الجغرافي الجامع. وذكّر بقول المفكّر والدستوري ميشال شيحا: "إنّ لبنان وطن الأقلّيات المتشاركة"، مضيفًا: مشكلتنا كيف ندير هذا التنوّع، واللامركزيّة هي شكل من أشكال إدارة التنوّع بشكل صحيح وديمقراطي.

وتابع: نظامنا لم يعد يعمل وتبيّن أنّه غير قابل لإنتاج حالة استقرار، ولبنان المستقر هو المطلوب وإذا طُبّقت اللامركزيّة بشكل صحيح فتكون أداةً من أدوات تحقيق هذا الاستقرار.

وأردف: يجب أن نقبل اللعبة الديمقراطيّة وأن نحسّنها، والهدف ألا تكون الأكثريّة الساحقة تأخذ كل شيء، فاللامركزيّة هدفها أيضًا تحقيق حسن التمثيل. وفي اللامركزيّة اقترحنا أن يكون الانتخاب في كل بلدة بحسب عدد سكانها المسجّلين فيها، فتختار مندوبين للهيئة العامة للقضاء ضمن سقوف محدّدة وأن يكون هناك تنوّع. و"الانتخابات اللامركزيّة" تتمّ بالتزامن مع الانتخابات البلديّة والاختياريّة. والمندوبين في القضاء يكونون كالبرلمان فينتخبون مجلس إدارة من 12 شخصًا. واللائحة التي تأخذ أكبر عدد من الأصوات تأخذ حكمًا 51 من الأصوات حتى تتمكّن من العمل وألا يحصل تعطيل.

وأشار بارود إلى أنّه طُرح في اتفاق الطائف أن يترأس القائمقام مجلس القضاء، ولكن بعد أن سألنا القاضي خالد قباني الذي شارك في وضع اتفاق الطائف، قال إنّ ذلك ليس من الأمور الأساسيّة ويمكن تخطيها. فالتوجّه أن نحلّ وظيفة القائممقام في النظام اللامركزي، وكل صلاحيّاته تنتقل إلى مجلس القضاء وكذلك بالنسبة إلى صلاحيات المحافظ الذي يبقى صلة الوصل بين السلطة المركزيّة والمنطقة.

أما اتحادات البلديات الموجودة اليوم فيحُل مكانها مجلس القضاء في اللامركزيّة.

ولفت إلى أنّه في المشروع المطروح هناك تعزيز لواردات البلديات. وأضاف: ضريبة الأملاك المبنيّة تُدفع مباشرة لمجلس القضاء كون العقار معروف موقعه. وضريبة الدخل يذهب 20% منها إلى "الصندوق اللامركزي" الذي يحلّ محل "الصندوق البلدي المستقل" الفاشل، وقد حُدّدت معايير دقيقة أربعة للتوزيع في "الصندوق اللامركزي"

وشدّد بارود على أنّ اللامركزيّة ليست انسلاخًا عن السلطة المركزيّة أو أن لا نكون معنيّين محليًا ووطنيًا على حدٍ سواء. فمثلاً في فترة "كورونا" السلطة المركزيّة لم تكن قادرة على التصرّف من دون البلديّات على صعيد الصحّة... واللامركزيّة تعزّز وحدة الدولة وتعزّز انخراط الناس في الشأن العام.

وأكّد بارود أنّه ليس مع فكرة المساعدات والهبات من الخارج، إنّما مع الاستثمارات الخارجيّة التي تفيد المناطق وتؤمّن لها موارد من الرسوم والضرائب.

موراني

ولفت عضو "اللجنة التنفيذيّة" كميل موراني، خلال إدارته جلسة الحوار مع الوزير بارود، إلى أنّه ضمن مشروع "الكتلة الوطنية" لبناء جمهورية ديمرقراطية حديثة تبرز اللامركزية الادارية بكونها عنصر من عناصر رؤيتنا لذلك. فاللامركزية الادارية تم ذكرها باتفاق الطائف كهدف يجب على الجمهورية اللبنانية بكامل مؤسساتها أن تصل إليه.

وأشار إلى أنّه منذ العام 1990 تقريبًا وحتى اليوم، بقيت حبرًا على ورق. وأضاف: تم تقديم بعض القوانين التي تنظم عمل اللامركزية الادارية أو تحوّل الجمهورية من مركزية إلى لامركزية وكان للوزير السابق زياد بارود دور وعمل تقني دقيق جداً في هذا الموضوع وقدّم مشروع قانون في هذا المجال.

وأوضح موراني أنّ اللامركزية الإدارية، وفق "الكتلة الوطنيّة"، تقوم على 3 أمور أساسيّة هي:

1-      مشاركة الناس بطريقة مباشرة في القرارات، والتأثير على صياغة القرار في مناطقهم.

2-      مساهمة اللامركزية مع قانون ضرائب عادل بشكل غير مباشر في الوصول إلى العدالة الاجتماعيّة.

3-      المساهمة، عند إعطاء صلاحيات للمناطق، في تخفيف الصراع السياسي على الدولة المركزية التي يتقاتلون سياسيًا وفعليًا للوصول إلى الدولة المركزيّة لأنّها مصدر السلطة الوحيد المتحكّم بالبلد.

وذكّر بأنّ طرح "الكتلة الوطنيّة" كان اعتماد مجالس أقضيّة أكبر من القضاء وأصغر من المحافظة.

كسبار

أما الخبير الاقتصادي الدكتور توفيق كسبار، فتناول موضوع الليبراليّة والعدالة تحت عنوان: ليبراليّة اجتماعيّة: أيّ ازدهار من دون عدالة؟، وقال إنّ مفهوم الليبراليّة طاغٍ في العالم والأنظمة السائدة القويّة حول العالم تُسمّى كلّها أنظمة ليبراليّة وهناك مكوّنات أساسيّة لها، فمن أهمّ مبادئها حرّية الفرد لا القبيلة أو الميليشيا أو المنطقة. وهناك المساواة بين الأفراد والمواطنين، فالفرد كمواطن لبناني له حقوق يحميها القانون والدستور. وهي تتضمّن نظامًا مكتوبًا ينظّم حياة الإنسان وليس نظامًا إلهيًا.

ولفت إلى أنّ الناس تعتقد أنّ الديمقراطية تعد بالجنّة ولكنّها عمليًا لا تعد بشيء إنّما تصحّح الأخطاء الكبرى. ويُقال يجب تغيير النظام في حين أنّه لا يُطبّق ولا يمكن تغييره إذا لم يطبّق. ولفت إلى أنّه عام 1943 كانت الفكرة أنّ لبنان بتكونيه لا يمكن أن يكون إلا منطقة حرّة. وأضاف: كان لبنان في حالة ازدهار باهر، فحتى العام 1975 كان دين الدولة صفر، وحتى عام 1990 وفق إحصاءات "البنك الدولي" كان لبنان صاحب أدنى دين في العالم، وإحدى الصحف عام 1974 نشرت أنّ أقوى عملة في العالم هي الليرة اللبنانيّة. وكان لدينا فائض، وحتى العام 2010 كان ميزان المدفوعات يُحقّق فائضًا ما يعني أنّ الدولارات التي تَدخُل أكثر من التي تخرج، وخلال 70 سنة تقريبًا حتى خلال سنوات الحرب كان يُحقّق هذا الميزان فائضًا. أما منذ بدء الحرب السوريّة فكل سنة أصبح الميزان سلبيًا. وأضاف: دور الدولة أساسي فهو تنظيمي كحالة وجود احتكارات في السوق.

وتابع: بعد الانهيار الذي حصل لم يُقدم أحدٌ في السلطة على أيّ خطوة وهذه جريمة وأقول جريمة لأنّ هناك أشخاصًا محدّدين مسؤولين عنها يمكن تسميتهم بالاسم، وكان يجب الذهاب إلى قصر بعبدا والحكومي والمجلس النيابي وهذا بناءً على مبدأ الدفاع عن النفس.

ولفت كسبار إلى أنّه بوجود الاحتلال ينبثق عنه سلطة تابعة له، ودائمًا القلّة تواجه هذا الاحتلال، وهذا ما حصل في فرنسا أثناء الاحتلال الألماني.

وشدّد على أنّ بداية الحل تكمن في القرار السياسي، ويتبعه كل الحلول الأخرى. وفي الانهيار المصرفي اللبناني الأكبر بالتاريخ، يتكلّم الجميع عن كيفيّة ردّ الودائع والحصول على الأموال لتحقيق ذلك. وهو سؤال بمكانه، ولكن يسبقه حتمًا توزيع المسؤوليّات. فهل من دراسة عن سبب انهيار الليرة والمصارف؟، الكل يريد الذهاب إلى أملاك الدولة، فأين مسؤوليّة المصارف التي تبغي الربح، علمًا أنّه من أهم مبادئ الرأسماليّة هي الحق بتحقيق الربح ولكن أيضًا تحمّل الخسائر، إلا في لبنان.

ولفت إلى أنّ السياسة النقديّة يديرها "المجلس المركزي" في "مصرف لبنان" المؤلّف من الحاكم ونوابه الأربعة ومدير عام وزارتي الماليّة والاقتصاد بصفتهم الشخصيّة بمعنى أنّ الوزيرين المسؤولين عنهما، لا يحق لهما مساءلتهما عن عضويّتهما في المجلس المركزي.

وعن إعلان التوقّف عن الدفع، قال كسبار: كان يجب أن تُتّخذ معه "سياسات متابعة" تنظّم هذه المرحلة، وكان بالإمكان اتّخاذ قرارات صارمة تحول دون هذا التوقّف عن الدفع. فمثلاً سياسة تثبيت سعر صرف الليرة يمكن اتّخاذها ولكن يجب أن تتصاحب مع سياسات ماليّة ونقديّة متوافقة معها لتطبيقها.

واعتبر كسبار أنّ السلطة تخاف من برنامج "صندوق النقد الدولي"، لأنّ أصحاب السلطة يخافون حتى من تعيين "هيئة ناظمة" لقطاع لأنّ ذلك سيتسبّب يفضح أمرهم. وشدّد على أنّه بالنتيجة كل شيء له حل ولكن البداية بقرار سياسي سيادي. وتابع: المشكلة ليست بوجود أزمة ولكن كيف يتمّ التصدي لها ومواجهتها. وأوّل مشكلة واجهها لبنان كانت عام 1969 بـ"اتّفاق القاهرة" الذي شكّل بداية انهيار لبنان كدولة. وأضاف: برأيي لبنان منذ ذلك الاتفاق هو تحت الاحتلال، وقد واجهنا كل الاحتلالات ولكن اليوم اللبنانيّون لم يقرّروا المواجهة. ولفت إلى أنّه تاريخيًا كان يتمّ استيعاب البطالة بالهجرة وبإرسال يد العاملة إلى الخارج، وهذا أدى إلى دخول أموال إلى لبنان.

وعن النزوح السوري برّر كسبار الموضوع من منطلق اقتصادي، فكل سوري يعيش في دولة منهارة في حين أنّه قادر على مسافة 50 كيلومترًا الحصول على مساعدات أمميّة أو في حال لم يُسجّل أن يكون لديه إمكانيّة تأمين عمل بمبلغ 150 دولارًا أو أكثر، فهو سيسعى بالتأكيد لذلك بغض النظر عن أيّ منطلقات سياسيّة أو دينيّة أو غيره.

العشّي

وتناول عضو "اللجنة التنفيذيّة" حسين العشّي، خلال إدارته جلسة الحوار مع الدكتور كسبار، موضوع "الليبيراليّة" منطلقًا من المادة الأولى من نظام "الكتلة الوطنيّة" التي تُعرّف عن الحزب وتنصّ على أنّ "حزب الكتلة الوطنيّة اللبنانيّة، حزب جمهوري، ديموقراطي، إجتماعي، علماني، يقوم على مبادئ شرعة حقوق الإنسان ويعمل على تعزيز كيان لبنان والمحافظة على سيادته واستقلاله ودوره المميّز في محيطه والعالم؛ ويسعى إلى إرساء وتعزيز دولة القانون والحرّيات العامّة والخاصّة والعدالة الاجتماعيّة وتأمين رفاهيّة بنيه. ولفت إلى أنّ هذه المادة وإنْ لم تذكُر كلمة "ليبيراليّة" صراحة، إنّما من الواضح أنّ تعريف الحزب هو أنّه "ليبيرالي إجتماعي".

ورش عمل وتوصيات

وفي ختام المؤتمر السنوي، عُقدت ثلاث ورش عمل تناولت ثلاثة محاور: الأوّل بعنوان "التموضع السياسي والتحالفات" مع الأمين العام ميشال حلو؛ والثاني بعنوان "استراتيجية التواصل والإعلام" مع عضو "اللجنة التنفيذيّة" لين حرفوش؛ والثالث بعنوان "العمل الميداني ونشاط الأعضاء" مع عضو "مجلس الحزب" محمّد سرحان والخبير موريس مطر. وقد توزّع المشاركون على هذه الورش حيث تمّ تبادل الأفكار والآراء وتمّ الخروج بتوصيات في كلٍ منها.

نشاطات