شارك وفد من "حزب الكتلة الوطنيّة اللبنانيّة" في الورشة الحوارية الأولى المغلقة التي نظّمها مركز "لقاء للحوار" في الربوة بالتعاون مع "مجموعة حل النزاعات" وحضرها سبع وعشرون شخصية فكرية وسياسية وحزبيّة وإعلامية واقتصادية وقانونية تمثّل الأطراف السياسية والدينية والاجتماعية من مختلف المناطق اللبنانية وذلك من أجل تحديد طبيعة الأزمة اللبنانيّة وكيفيّة الخروج منها.
وقد قُسّمت الورشة إلى ثلاثة محاور، أوّلها تطرّق إلى طبيعة الأزمة حيث أكد الوفد، الذي ضمّ الرفيقتين رونا كيّال وريم الضيقة، أنّها مزيج من أزمة كيان، وميثاق، ودستور، وصيغة ونظام سياسي وسببها 5 علل موروثة تستحكم بلبنان هي الطائفية السياسيّة، الفساد، الزبائنيّة، الإقطاعيّة والتوريث السياسي والتبعيّة للخارج.
في المحور الثاني الذي حدّد فيه المجتمعون طبيعة الحلول المطلوبة ودور لبنان الإقليمي في هذه المرحلة وموقف القوى اللبنانية من الأوضاع وتموضع لبنان تجاه المحاور فيها، اعتبر الوفد أنّ الطروحات التقسيميّة لم تتراجع في المنطقة فهي مطروحة دائماً ومبنيّة على التنوّع الذي تتشكّل منه وهو سيف ذو حدّين، وتراهن دائماً عليه إسرائيل وتعمل له دول كثيرة خدمة للكيان الصهيوني. وأشار إلى أنّ الأوضاع في المنطقة هي محور صراعات مصالح قويّة بين الدول الإقليميّة الكبرى والدول العظمى، وكلّها مرهونة بمصالح هذه الأخيرة من دون أيّ اعتبار لشعوبها ومصالح دولها في أوضاعها المتخبّطة.
أما عن دور لبنان والقوى اللبنانيّة في المنطقة، فرأى الوفد أن لبنان من صلب هذه المنطقة ويجب إستعادة الدور النهضوي للبنان في محيطه العربي انطلاقاً من كونه نموذجاً في التنوّع الديني والثقافي وحرّية التعبير وأنّ عليه تحييد نفسه في مسألة النزاعات والحروب وصراع المحاور بدليل ما أدّت إليه من انقسامات داخليّة وانعكاساتها السلبيّة عليه في كلّ مرّة كان يدخل فيها من حلف بغداد حتى اليوم. ولكن، يبقى لبنان متضامناً مع قضيّة الشعب الفلسطيني، في حدود الحفاظ على السيادة اللبنانيّة، من دون مزايدة على صاحب الحق. وشدّد على أنّ الجمهوريّة العربيّة السوريّة هي المنفذ البرّي الوحيد للبنان إلى عمقه العربي، ومن هنا وجوب قيام أفضل العلاقات معها، مبنيّة على الاحترام التام لسيادة البلدين ولاسيّما لجهة ترسيم حدودهما.
وتناول المحور الثالث الحل المطلوب على الصعيد المستقبلي كي لا يعود لبنان ساحة صراعات، فاعتبر الوفد أنّ الحلّ الأساس يكمن في الوصول إلى الدولة المدنيّة ولكن بشكل تدريجي يحترم جدولاً زمنياً محدّداً. فبناء دولة المواطن هو الحل الوحيد البعيد المدى لكلّ أزماتنا. وهذه الدولة تَجِدُ أسساً قويّة لها بعد ثورة 17 تشرين وانفجار 4 آب لجهة ما شهدناه من تضامن وتعاضد بين اللبنانيّين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب في مقابل غياب تام للدولة وحتى إذلال دولي لها عبر التشديد على عدم التعامل معها. والأساس الثاني لقيام هذه الدولة المدنيّة هو بالاحترام الكامل للسيادة اللبنانيّة، داخلياً أوّلاً، تحقيقاً للمساواة بين المواطنين، وخارجياً ثانياً تحقيقاً لمبدأ المعاملة بالمثل ومبدأ عدم جواز التدخّل في الشؤون الداخلية للدول في سياق ما تنصّ عليه وما تحدّه التزامات لبنان تجاه جامعة الدول العربيّة والأمم المتّحدة. وأكّد الوفد أنّ هذا ما نادت به دائماً وبقوّة، وما عملت لأجله بشكل مستمر حتى اليوم الكتلة الوطنيّة. أما الأساس الثالث للدولة المدنيّة، فيقوم على الوصول إلى لبنان "مزدهر أخضر وعادل".
وفي ختام الورشة حصل نقاش بين الحاضرين وعُرضت الآراء المختلفة، وتمّ الاتفاق على أهمية الحوار وضرورة متابعته مع تحديد مواضيع أساسية ستتابع في لقاءات مستقبليّة.