شارك

الكتلة الوطنيّة: المدعي العام المالي محكّ جديد أمام الحكومة

صدر عن "الكتلة الوطنيّة" البيان الآتي:

في ضوء التجاذب الحاصل داخل مجلس الوزراء بشأن تعيين النائب العام المالي، وخصوصًا بعد إصرار رئيس مجلس النواب نبيه برّي على تعيين القاضي زاهر حمادة، المحسوب عليه، تؤكّد الكتلة الوطنيّة أن لا يمكن اعتبار هذا التعيين إجراءً إداريًّا عاديًّا، بل هو اختبار جديد لقدرة الدّولة على الخروج من منطق تقاسم النفوذ، والانحياز إلى منطق الكفاءة والجدارة.

فالنيابة العامة الماليّة ليست تفصيلًا إداريًّا عابرًا، بل يقع على عاتقها دور محوري في مكافحة الفساد وملاحقة الجرائم الماليّة، من تبييض الأموال، إلى التزوير، الاختلاس وغيرها. لذلك، فإن شاغل هذا المنصب يجب أن يتمتّع بأعلى معايير الكفاءة، والنّزاهة، والاستقلاليّة، لأن هذا الموقع وُجد ليخدم الشعب اللبناني، لا ليخدم أي جهة سياسيّة.

إنّ استمرار رئيس السلطة التشريعيّة في فرض المحسوبين عليه لتولّي المواقع القضائيّة الخاصّة بالطائفة الشيعيّة يُشكّل انتهاكًا صريحًا لمبدأ فصل السلطات، ويكرّس منطق الولاء الشخصي والتبعيّة السياسيّة، بدلًا من منطق الكفاءة واختيار الشخص المناسب في الموقع المناسب.

لقد أظهر القاضي زاهر حمادة، في أكثر من محطّة، انحيازًا سياسيًّا واضحًا، وخصوصًا في أدائه في قضيّة تفجير مرفأ بيروت، حيث اتّخذ موقعًا مناوئًا لأهالي الضحايا بدل أن يكون نصيرًا لهم وللعدالة. وهو بذلك يكمّل النهج نفسه الذي اتّبعه سلفه القاضي علي ابراهيم، الذي فشل في تحريك ملفات الفساد الكبرى.

بناءً عليه، تطالب الكتلة الوطنيّة بتعيين نائب عام مالي نزيه ومستقلّ، يتمتّع بالحسّ الوطني وبالجرأة على فتح الملفات ومحاسبة المرتكبين، لا التستّر عليهم. نائب عام يليق بدولة القانون، لا بمقتضيات الولاء السياسي.

وفي هذا السياق، تقع على عاتق السلطة التنفيذيّة، برئاسة الرئيس نواف سلام، وعلى رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، مسؤوليّة التعاطي مع هذا التعيين بروحيّة دستوريّة ومؤسساتيّة، بعيدًا عن التسويات، باعتباره اختبارًا مبكرًا لجدّية العهد في كسر نهج المحسوبيّات وفتح الباب أمام إصلاح فعلي.

ويُسجَّل في هذا الإطار موقفٌ متقدّم لوزير العدل عادل نصّار، في حرصه على تغليب المؤهّلات المهنيّة ورفضه الانجرار إلى منطق الولاءات الشخصيّة.

إنّ اللبنانيّين اليوم بأمسّ الحاجة إلى قضاءٍ مستقلّ، لا إلى قضاءٍ مرتهن. ومن هنا، لا نرى في التشكيلات القضائيّة مجرّد إجراءات روتينيّة، بل محكًّا إضافيًّا لمدى استعداد الحكومة لكسر ذهنيّة المحاصصة التي تعتمدها غالبيّة القوى التقليديّة، والانتصار لمعايير الأهليّة والاستحقاق.