صدر عن "الكتلة الوطنيّة" البيان الآتي:
ينتهي موسم الأعياد وينطلق العام 2023 في ظل أزمة سياسيّة اقتصاديّة واجتماعيّة غير مسبوقة في تاريخ لبنان.
على المستوى السياسي، المؤسّسات في حالة من الشلل التام، فموقع رئاسة الجمهوريّة شاغر في ظل غلبة الحسابات الشخصية والفئوية والاقليمية على منطق الدستور والقانون. والمجلس النيابي لا يقوم بدوره ، بل يبقى رهينة إرادة رئيسه. وحكومة تصريف الأعمال عاجزة حتّى عن إقرار سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان علّها تخفّف من مأساة اللبنانيّات واللبنانيين اليومية.
في ظل هذا الواقع، تبدو الدعوات إلى الحوار والزيارات المتبادلة مجرّد غطاء لواقع الفشل الذي وصلت إليه الطبقة السياسية التي أنتجتها الحرب الأهلية، ومحاولة للتنصّل من مسؤولية التعطيل.
إنّ الطبقة السياسية ما زالت تراهن على الفراغ لمحاولة إنتاج رئيس من ضمنها، حتى لو حاولت التخفيف من وطأته بخطابات مزيّنة وزيارات بروتوكولية وانتظار دور خارجي، وضخ للدولارات في السوق من قبل المصرف المركزي لن يكبح في النهاية انهيار الليرة اللبنانية.
ما هو أخطر أيضًا الحديث عن تعديل الدستور والنظام السياسي كمدخل للحلّ، في ظل الطارئ الاقتصادي والاجتماعي. فهو يبدو محاولة لتحوير الأنظار عن الممارسة الميليشياوية لأركان السلطة في إدارة الدولة على مدى ثلاثة عقود، ولإعادة إنتاج شرعيّتهم التي تآكلت إلى حد كبير بفعل الأزمة.
ولكنّ الواقع الاقتصادي والاجتماعي المأسوي الذي وصلنا إليه، يفرض على الطبقة السياسيّة، وعلى "حزب الله" بالتحديد، مقاربة مختلفة لانتخاب رئيس للجمهورية. فهي لا تملك سنتين في جعبتها، كما فعلت مع انتخاب ميشال عون في العام 2016. وهي الأدرى أنّ المراهنة على الفراغ والمساومة وانتظار كلمة سرّ خارجية والتلطّي خلف طاولات حوار، قد لا يفضي إلى انتخاب رئيس قبل أشهر وربما سنوات طويلة، ستكون كلفتها على لبنان هائلة، وقد تطيح بها وبنا سويةً.
من هنا، فإنّ الطّريق الأسلم والأسرع لانتخاب رئيس للجمهورية يكون بالعودة إلى المادة 49 من الدستور، أي بانتخاب رئيس بالغالبیة المطلقة من مجلس النوّاب في دورات الاقتراع في حال تعذّر تأمين غالبية الثلثين في الدورة الأولى.
إنّ بداية الخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية تكون في العودة إلى الدستور وانتخاب رئيس جديد للجمهورية يواكب تطلّعات اللبنانيين. رئيس يملك الرؤية، النزاهة والإيمان العميق بالهويّة اللبنانية.
رئيس يملك المصداقية لرعاية حوار جامع حول المواضيع الخلافية كافة بين اللبنانيّات واللبنانيّين في السيادة والدفاع والسياسة الخارجية ومدنيّة الدولة، محصّنًا بالدستور والمؤسّسات.
رئيس يلتزم الإصلاح ويجعل من الاتفاق مع "صندوق النقد الدولي" أولى أولوياته، كمدخل لاستعادة ثقة المجتمع العربي والدولي، ويسعى إلى تدقيق في كافة مؤسّسات الدولة وعلى رأسها "مصرف لبنان".
رئيس يعيد للقضاء استقلاليته ودوره في محاسبة المرتكبين الذين استولوا على المال العام، وفي قضيّة 4 آب يوم ارتُكبت جريمة تفجير مرفأ بيروت، فيعيد من خلاله ثقة اللبنانيّات واللبنانيّين بالدولة.
رئيس يضع المصلحة الوطنيّة العليا فوق كلّ اعتبار، ويسعى إلى معالجة الأزمات الوجودية التي تهدّد الوطن ومنها موضوع اللاجئين السوريّين بعيدًا من الشعبوية التي اعتدنا عليها خلال السنوات الست الأخيرة.
إنّ الطبقة السياسية أمام مسؤولية تاريخية، وبالتحديد "حزب الله" كونه الطرف الأقوى سلاحًا ومالاً ونفوذًا، ومن يملك مفاتيح المجلس النيابي، للعودة إلى الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب فرصة.
الخيار الآخر هو الرهان على الفراغ والتعطيل ودور خارجي قد لا يأتي قريبًا. الخيار الآخر هو التمديد لرياض سلامة ورفض الإصلاح في ظل شلل المؤسّسات. الخيار الآخر هو أن يصلَ سعر صرف الدولار إلى 100 ألف ليرة مع نهاية السنة الجديدة.