شارك

"الكتلة الوطنيّة": الحكومة حدّدت الخسارة بـ83 مليار دولار وبرّأت القيادات السياسيّة منها

يمكن اختصار النسخة المسرّبة من خطة الإنقاذ الحكوميّة بـ3 أمور: الرقم، تغييب المسؤوليّة السياسيّة عن الإفلاس، واسترداد الأموال المنهوبة.

الرقم هو 83.2 مليار دولار، مجمل الخسارة المتراكمة على لبنان. كنّا دائماً ننبّه من أنّ نظام "أحزاب-الطوائف" يهلك الاقتصاد ويفلس الدولة ويهدر المال العام، مال المواطنين. فكان الجواب يأتي على النحو الآتي: الليرة بألف خير والودائع بألف أمان والنظام المصرفي محصّن والاقتصاد إلى تحسّن. والنتيجة كانت أنّ اللبنانيّين خسروا رأسمالهم والنظام خسر رأسماله المتمثّل بكذبه.

أما المسألة المغيّبة تماماً والمعيبة، فهي تحديد المسؤوليّة السياسيّة لهذه الخسارة، وكأنّ الأموال تبخّرت لوحدها أو من جرّاء عمليات لا علم للدولة والحكومات بها. في وقت أنّ كلّ عمليّة اقتراض واستدانة من الداخل والخارج حصلت بقرار وبموافقة الحكومات والمجالس النيابيّة المتعاقبة. وكلّ إنفاق من المال العام تمّ بإذن السلطات السياسية ذاتها وتحت إشرافها. لا داعي بعد اليوم لمرافعات، لأنّ المسؤوليّة الأولى هي سياسيّة. فإذا كان المصرف المركزي أخطأ بسياسته، وعن علمٍ، وإذا كانت أغلبيّة المصارف قد استسلمت للجشع ولم تحرص على أموال مودعيها، فإنّ المُدان الأوّل بهذه الجريمة الموصوفة عن سابق تصوّر وتصميم يبقى أحزاب السلطة التي تعاقبت على إدارة عمليّة السطو على الثروة الوطنيّة. هذا مع العلم أنّ من بين هذه الأحزاب من كان في السلطة منذ 30 عاماً، ومنها من دخلها منذ 15 عاماً، ومن قرّر أو ساهم أو شارك أو تغاضى عن هذه الجريمة.

وبالنسبة لشعار "إسترداد الأموال المنهوبة"، فلم يتم، ولو لمرّة واحدة، إيضاح أو تحديد من هو الناهب وما هي قيمة الأموال المنهوبة ولا آليّة استردادها في أيّ من الـ34 صفحة التي تُمثّل خطة الإنقاذ الحكوميّة. وهذا ما يؤكّد أنّ الحكومة رضخت لـ"أحزاب السلطة" وبرّأتها، عبر هذه الخطة، من أيّ مسؤوليّة عن الجريمة ولم تطالبها باسترداد أيّ فلس منهوب.

إنّ هذه الخطة المعروضة تكشف أنّ هذه الطبقة السياسية، والتي سقطت شرعيّتها في "17 تشرين"، رهينة تشبّثها بالسلطة. فهي تقوم بالانقضاض على مدخّرات المواطنين من دون تمييز بين معارض ومتحزّب. وإنّ الإرادة التغييريّة للبنانيّين ستتغلّب على أحزاب السلطة. وعلى هذه الأخيرة، في نهاية المطاف، ردّ ما استولت عليه إلى الشعب اللبناني.

مواقف سياسية